إمساكية رمضان المبارك بمجموعة تواقيت مختلفة من هنا
شارك بالمسابقة الرمضانية, آخر موعد لاستلام الأجوبة نهاية رمضان المبارك
دقّة بدقّة, الآن .. دقّت الساعة, دعوة للزيارة (لايفوتكم) ساهم في الحملة


[في كبد]

الاثنين، 8 سبتمبر 2008




( لقد خلقنا الإنسان في كبد) سورة البلد

هنا يقسم الله تعالى على حقيقة ثابتة في حياة الكائن الإنساني

خلقناه في مكابدة ومشقة , وجهد وكد , وكفاح وكدح
كما قال في السورة الاخرى ( يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدح فملاقيه)

,
الخلية الأولى لا تستقر في الرحم حتى تبدأ في الكبد والكد والكدح والنصب
لتوفر لنفسها الظروف الملائمة للحياة والغذاء - بإذن ربها -
وماتزال كذلك حتى تنتهي إلى المخرج فتذوق من المخاض - الى جانب ماتذوقه الام - ماتذوق
ومايكاد الجنين يرى النور حتى يكون قد ضغط ودفع حتى يكاد يختنق في مخرجه من الرحم
,
ومنذ هذه اللحظة يبدأ الجهد الأشق والكبد الأمر
يبدأ الجنين ليتنفس هذا الهواء الذي لاعهد له به , ويفتح فمه ورئتيه لأول مرة
ليشهق ويزفر في صراخ يشي بمشقة البداية!
,
وتبدأ دورته الهضمية ودورته الدموية في العمل
على غير عادة!
ويعاني في إخراج الفضلات حتى يروض أمعائه على هذا العمل الجديد!
,
وكل خطوة بعد ذلك كبد
وكل حركة بعد ذلك كبد

,
والذي يلاحظ الوليد عندما يهم بالحبو وعندما يهم بالمشي
يدرك كم يبذل من الجهد العنيف للقيام بهذه الحركة الساذجة
,
وعند بروز الاسنان كبد
وعند انتصاب القامة كبد
وعند الخطو الثابت كبد
وعند التعلم كبد
وعند التفكر كبد
وفي كل تجربة جديدة كبد...كتجربة الحبو والمشي سواء

,
ثم تفترق الطرق وتتنوع المشاق....هذا يكدح بعضلاته وهذا يكدح بفكره
وهذا يكدح بروحه وهذا يكدح للقمة العيش وخرقة الكساء
وهذا يكدح لجعل الالف الفين وعشرة الاف
وهذا يكدح لملك او جاه...وهذا يكدح في سبيل الله
وهذا يكدح لشهوة أو نزوة..وهذا يكدح لعقيدة أو دعوة
وهذا يكدح إلى نار وهذا يكدح إلى جنة
والكل يحمل حمله ويصعد الطريق كادحا الى ربه فيلقاه....
وهناك يكون الكبد الأكبر للأشقياء
وتكون الراحة الكبرى للسعداء.
,
إنه الكبد...طبيعة الحياة الدنيا ..تختلف اشكاله وأسبابه ولكنه هو الكبد في النهاية
فأخسر الخاسرين هو من يعاني كبد الحياة الدنيا لينتهي إلى الكبد الأشق في الأمر في الاخرى
وأفلح الفالحين من يكدح في الطريق الى ربه
ليلقاه بمؤهلات تنهي عنه كبد الحياة الدنيا وتنتهي به الى الراحة الكبرى في ظلال الله
,
على أن في الأرض ذاتها بعض الجزاء على الوان
الكدح والعناء
إن الذي يكدح لأمر جليل ليس كالذي يكدح للأمر الحقير
ليس مثله طمأنينة بال وارتياحا للبذل واسترواحا بالتضحية
,
فالذي يكدح وهو طليق من اثقال الطين أو للإنطلاق من هذه الاثقال
ليس كالذي يكدح ليغوص في الوحل ويلصق بالأرض كالحشرات والديدان!
والذي يموت في سبيل الدعوة ليس كالذي يموت في سبيل نزوة
ليس مثله في خاصة شعوره بالجهد والكبد الذي يلقاه.

هذه حقيقة مقررة عن طبيعة الحياة الإنسانية..


,


,


من تفسير ( في ظلال القران ) لـ: سيد قطب رحمه الله





التسميات:

posted by روان at 8:03 ص | Permalink | 11 comments

تم تصميم المدونة وبرمجتها بواسطة
iCoNzZz